من منا لا يبحث عن السعادة؟ فالسعادة يشتاق إليها كل إنسان، وغاية يبحث عنها كل البشر.. فهناك من يبحث عنها في المال، وآخرون في الولد، وغيرهم في الصحة، وكثيرون في الحب.. كما أن هناك فئة ليست بالقليلة تبحث عنها في رضا الله.
قالت صحيفة ( ذي إندبندنت ) إن إحدى الدراسات العلمية الجديدة - التي أجراها بعض علماء النفس – توصلت إلى أن أقصر الطرق للوصول إلى السعادة هي أعمال البر و الصدقة ، كما اكتشفت الدراسة أن أغنى الدول في العالم ليست الأكثر سعادة ، فقد نجح علماء النفس في اكتشاف أن الإنفاق على الفقراء والمحتاجين يؤدي إلى الإحساس بالسعادة؛ ولكنهم فشلوا في تفسير السبب وراء ذلك؟
وترك علماء النفس في هذه الدراسة وصيةً ودَيْنًا علقوه في رقاب جميع حكومات العالم، ألا وهو: أنها إذا أرادت تحقيق السعادة للشعوب، فما عليها إلا أن تضع سياسات تشجع على الإنفاق على المعوزين وأصحاب الحاجات، مثلما ينفقون على أنفسهم.
ولكن إذا نظرنا نظرة عامة إلى كل الديانات السماوية سنجدها قد نادت وحثت على أعمال البر و الصدقة ؛ ف التوراة تؤكد ضرورة تقديم الطعام للجائع، والكساء للعاري، والاهتمام باليتيم، والأرملة والفقير، كما يصف "سفــر التثنية" إعطاء الصدقة على أنه من الصفات الإلهية (10: 17)، وفي المسيحية كذلك، ففي (مزمور41: 1): "طوبى للذي ينظر إلى المسكين"، وإننا نجدها قد حثت على الزكاة، وجاءت في الكتاب المقدس بمعنى الصدقة .
أما في الإسلام فقد رفع الله تبارك وتعالى من قدر الزكاة وجعلها ركنًا ركينًا من أركان الإسلام ، ولا يتم إسلام المرء إلا إذا أدى زكاة ماله.
والنبي محمد "صلى الله عليه وسلم" جعل الصدقة من أجلّ القُرُبات إلى الله تعالى ومن أعظمها أجرًا، وجاءت في ذلك أحاديث نبوية كثيرة، ومئات الآيات في القرآن الكريم، ومنها؛ قال تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [سورة البقرة: 245]
كما قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 262].
وقال تعالى أيضًا: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 261].
عزيزي القارئ نصيحة أخيرة أسديها إليك - وإلى نفسي أولًا - إذا أردت أن تعيش سعيدًا فما عليك إلا أن تكثر من الصدقة ، ف الصدقة من أسهل وأعظم الأعمال التي يمكنك أن تقوم بها إذا أخلصت القصد والنية لله، أما الصلاة فتحتاج إلى وضوء ووقوف وركوع وسجود وخشوع، وأما الحج فلابد له من السفر والطواف والرمي، وأما الصيام فيلزمه الجوع والعطش؛ ولكن الصدقة لا تتطلب أي جهد يذكر، غير بذل المال ابتغاء مرضاته، إنها عمل في غاية السهولة، وثوابها عظيم، كتب الله لنا ولكم السعادة في الدنيا والآخرة.
والله من وراء القصد!!
تعليقات
إرسال تعليق